معضلة الترولي وأخلاقيّة الحلول الإقتصادية

معضلة الترولي trolley dilemma تجربةٌ فكريّةٌ في علم الأخلاق طرحتها الفيلسوفة البريطانية فيليبا فوت.
تتلخص المعضلة بجعل عربة تسير على سكّة محدّدة باتجاه خمسة أشخاصٍ مقيّدين مكبَّلين على مسارها الرئيسي ،في حين هناك شخص واحد ممدَّد على المسار الثانوي.. فمن تطرح عليه المعضلة يقف بالقرب من العَتَلَة ( المحوِّل) التي تتحكم بمسار السكة الحديدية . فإذا ما سحب العَتَلَة، ستتابع العربة سيرها في المسار الثانوي الآخر وسيتمّ إنقاذ خمسة أشخاص على المسار الرئيسي مقابل التضحية بذلك الشخص الواحد المُمَدّد على المسار الثانوي.. صحيحٌ أنّ معضلة الترولي هي نتاج فلسفي فكري إلا أنَّ حتمية النتائج المعتبرة في الخيار الأكثر أخلاقيّة تجعل مبدأها ينطبق على الخيارات الإقتصادية المتاحة كحلّ أخلاقي نابع من مواطنية المرء وحسّه القومي إذا ما فرضت عليه ظروفاً وضعته في مأزق..
حلول كثيرة أعطاها المفكرون والباحثون وقامت لأجلها الإحصاءات والدراسات لحل معضلة ترولي فاختلفت النتائج باختلاف الفرضيات، فالتَفكير فيها يجعل منها ثقلاً فكريا وأخلاقيا ..و من يعتقد للحظة أنه وجد الحلّ هو واهم ..
فماذا لو كان إبنك أو إبنتك أو شقيقك أو نسيبك بين أولئك الخمسة أشخاص المقيدين على المسار الرئيسي، أو كان هو الشخص المكبّل على المسار الثانوي.. !!
ما علاقة الحلول المعطاة في معضلة ترولي ووضعية الأزمة الإقتصادية؟
سنستعير في تحليلنا فلسفة العالم ” كانط” المسمّاة ” بالضرورة الحتمية” باعتباره الأخلاق مشتقّة من العقلانيّة والبشر ملزمون باتباع هذه الحتميّة بشكل غير مشروط إذا ما أرادوا أن يكونوا أخلاقيين. فمن ينطلق من مصالحه الشخصيّة ومصالحه الطائفية ومصالحه الذاتيّة لن يجد أي حلّ..
رأى كانط أنه ممنوع عليك أن تفعل للآخرين الشيء الذي لا تحب أن يفعلوه لك، وعلى هذا النحو تنتظم أمور المجتمع ويصبح أخلاقياً، متقدماً، راقياً..
في المجتمعات المتقدمة حيث أصبح الناس حضاريين يتعاملون بالأخلاقيات الوطنية، منطلقين من تربية وثقافة العيش في جماعة والجميع متساوين في مواطنيتهم فلا يوجد مواطن فئة أولى ومواطن رديف ومواطن ثانوي..
اليوم نحن أمام معضلة إقتصادية ولا أحد يريد التضحية، بل فقط المطالبة، ولا أحد يريد الإحتكام إلى أخلاقياته الوطنية فلا أحد فاسد، والجميع ” أوادم “..
من أين نأتي بالحلول؟
ومن هو المساهم فيها؟
إن كان أهل السّلطة في العربة والشعب مكبّل، فما العمل بغير الإحتكام للعقلانية والأخلاقية.. أم أنّ أصحاب السّلطة ليسوا من الشعب؟..
إحتكموا لوطنيتكم ومواطنيتكم وأخلاقياتكم فالبلد بلدنا جميعاً، و بين أبنائه أبناء من في السلطة، إنه الوطن النهائي لنا جميعاً ، أفلا يستحق التضحية؟

نص المقالة الأصلية