في كثير من الأحيان، إن عدم وجود رؤيا مشتركة للطرفين في مشروع تجاري معيَّن يؤدي الى إجهاض المشروع قبل ولادته.
في ظل ما يحكى عن تعديل لقانون التجارة اللبناني نهوضاً بالإقتصاد الوطني، قد يُسجّل انقلاباً إيجابياً على الأسس التقليدية لقانون الشركات، نتيجة التطور المستمر، تعزيزاً للمؤسسات المتوسطة والصغيرة التي تشكل المقومات الأساسية للإقتصاد الوطني ..
فهل تكون بادرة التحديث هذا عبر ظهور ” شركة الشّخص الواحد ” في التشريع اللبناني..!!، لتحفيز مسار التنمية الإقتصادية و المبادرات الفردية تشجيعاً لمزاولة العمل التجاري..؟
في تصريح لافت لبعض ممثلي الأمة الذين شاركوا في لجان التعديل فإنّ قانون التجارة البرّية اللبناني (المرسوم الإشتراعي رقم 304 الصادر في 24/12/1942 ) قد لحقت به بعض التعديلات الأساسية، ليتماهى والمعايير الدّولية وطبيعة تطوّر الأعمال، إن من حيث الوسائل المستحدثة أو من ناحية مسك سجّلات تجارية ممكننة كنتيجة لتطوّر العمل التجاري في لبنان منذ العام 1942 إلى يومنا.
من المعلوم أنَّ المشترع اللبناني كان قد أقرّ القانون رقم 85 تاريخ 10/10/2018 المنشور في الجريدة الرّسمية: عدد 45 تاريخ 18/10/2018 الذي بموجبه أصبح بالإمكان تأسيس شركة أوف شور في لبنان من قبل شخص واحد سواء كان الشخص الواحد شخص طبيعي أم معنوي يتولى إدارة الشركة ويمارس كافة الصلاحيات والمسؤوليات المناطة بمجلس الإدارة وبالجمعية العمومية العادية والاستثنائية ويوقع منفرداً على كافة القرارات التي يتخذها بهذه الصّفة على أن يتم تسجيلها ونشرها وفقاّ للأصول المرعية في القانون.
فما هي الأسباب الموجبة والخصائص والمميّزات العملية لشركات الشخص الواحد التي شرّعتها العديد من البلدان الغربية وتبعها بعض البلدان العربية النامية ؟.
بدايةً يجب الركون إلى أنَّ من شأن إقرار قانون شركات الشخص الواحد التشجيع على الإستثمار في لبنان للارتقاء إلى مستوى المشاريع الرّيادية بسهولة أكثر، وبأقل مستوى من التعقيدات القانونية.
ناهيكم عن كبح واقعة إنشاء شركات صوريّة كتلك التي يمتلك فيها أحد أفراد العائلة 98 بالمئة من الحصص في حين يمتلك آخرون النسبة المئوية المتبقية.
فيما تستقرّ النظريّة التقليديّة للشركات ومبدأ الشراكة ككلّ، منذ نشأة القانون الروماني القديم حيث الشركة عقد بين شخصين أو أكثر تحكمه إرادة المتعاقدين في تكوينه ومساره حتى انقضاء الشراكة.
إنَّ استحداث شركة الشخص الواحد فيه نقلة نوعية في الفكر القانوني والتشريع فشركة الشخص الواحد شركة مملوكة من شخص واحد فقط، غير أنها تختلف عن المؤسسة الفرديّة بأنَّ مسؤوليتها محدودة بمقدار حصّة المؤسس الوحيد أي برأسمالها المودع، بينما المؤسّسة الفرديّة يكون مالكها مسؤولاً مسؤولية غير محدودة لتشمل أمواله الشخصية، وهذا يعتبر من سمات هذا النوع من الشركات.
بالطبع لا يمكن لشركات الشخص الواحد أن تكون شركات تضامن حيث يؤدى بها إلى التشبّه بأحكام المؤسّسة الفردية حيث الذّمم المالية موضوع مطالبة من قبل الدائنين كما ولا يمكنها أن تكون موضوع شركة مغفلة أي الشخص الواحد مساهم في مشروعه الشخصي، عدا عن الهيكلية القانونيّة التي يفرضها نظام التأسيس والمشاركة وتداول الأسهم ، كما لا يمكنها التشبّه بشركات التوصية بنوعيها إذ ليس فيها نوعان من الشركاء كموصين أو مفوضين إلا أنها تستوي في تظيم الشركة المحدودة المسؤولية في جوانب عدة وتمتاز عنها في أخرى.
تمتاز شركة الشخص الواحد، بسهولة اتخاذ القرارات داخلها، و أحادية التفرّد بها وسهولة تعديل النّظام وتعيين المديرين كما وسهولة تحويل صفة الشركة أو دمجها إلى ما هنالك من سلطة مطلقة في التفرّد بالإدارة..
وقد يقال الكثير في ضعف ائتمان الشّركة من قبل دائنيها حيث شخصيتها المعنوية وذمتها المالية مستقلة عن ذمة صاحبها وهنا لا بد من الإيضاح بأنَّ رأسمال الشّركة وموجوداتها هما الضمانة لدائنيها، فالضمانات هي ذاتها سواء أكانت تعود لشخص واحد أو أكثر، حيث السّقف هو النص القانوني وضرورة مراعاته.
فنعم لتشجيع ذوي المشروعات الفرديّة الملجأ الأخير للإقتصاد الوطني وقد أثبتت لأعوام عدّة بأنها الضّمانة الحقيقيّة للتنمية الوطنيّة ، فهيّا لتشريع ” شركة الشخص الواحد ” واحتضان المشاريع الرياديّة والمبادرات الفردية، فالإقتصاد المبني على المؤسّسات الخاصّة والفرديّة هو اقتصاد خلوق وإنَّ مقدمة الدستور اللبناني نصّت على أنَّ ” النظام الاقتصادي الحرّ يكفل المبادرة الفرديّة والملكيّة الخاصّة “