في نائبةٍ قبل قرنٍ طواه الزّمن سبق الجراد القحط ومات مئة وخمسون ألفاً بمؤازرةٍ من جَشعِ التجّار، ودار الزّمان مئة عامٍ ونيِّف وعاد الزائر الممقوت ليجد جراداً ماكثاً التهم الأخضر واليابس فرحل مستهزئاً مسْتَسْخِراً..
فالجرادة هي هي، تتناسل تتكاثر تهاجم أسراباً بقاع الأرض الخضراء، آفة كانت ولم تزل غريمة الشعوب.
غير أن فاليتها اليوم صارت توازي ما تنتهجه السّياسات في أوطانٍ أُخضِعَت، طُوِّعت، واستُغلَّت حتى استَنزفَت كلّ مقوّمات بقائها.
وإن كانت الأسراب المهاجرة من الجراد تصبو لالتهام أخضر الطبيعة، غير أنَّ مجموعاتٍ ماكثةٍ احترفت قضم الودائع الخضراء وامتصال حقوق الناس.
جرادة في عرادة
“جرادةٌ في عرادةٍ ” ، (مثلٌ يضرب للشيء الصعب الذي استعصاه الحلّ في شبه الجزيرة العربيّة)، إنها أسرابُ الطُغاة الفاسدين المُتجبّرين الذين لم تَكفِهم صفقات ازدرادِ و سَرطِ المال العام، بل ظلّوا يتَضَوَّعون حتّى نَهشوا كلّ أمَلٍ باقٍ.
في بلدٍ ” ليس بمُفلِسٍ إنِّما بمنهوب”، كان للتسيُّبِ والتراخي في مكافحة الفساد بالمبيدات القانونيّة الفعّالة، وأدوات الملاحقة أثر سلبيّ في التحوير والتملّص والقياس والتهرّب والتسويف والمُماطلة، ما عاتى ” القضَاءَ على القضَاءِ”.
تلك السّلطة التي حدّدتها “المادة ٢٠” من الدستور اللبناني، كانت تمثّل الضّمانة الوحيدة لحماية حقوق المواطن والوطن من أيِّ اعتداءٍ قد يطالهما ، من قبل ماضغي الحقوق، بالعي المداخيل والودائع والثروات، غير الملتزمين أحكام القضاء والمتكابرين والمستزلمين. ما أكسَب هذا المُقيم، مناعةً تجاه كلّ الشرائع الوضعيّة، بعد أن لاكَ أدواتها وطوّعها وحلَّلها وحرّمها.
وبانتظار حلول السَّماء، نحن قومٌ جاءَنا الجراد المُهاجر فوجدنا في ضُمور.. ألعلّه قوتٌ من لَدُن الله لشعبٍ خاوٍ في البرّية..!!
قد لا يفكِّر الجراد، لكنّه ككلِّ مخلوقات الله تعرف بالحسّ السّليم أين تأكل رزقها المقسوم لها، لذا مرَّت مرور الضيف المستعجل في أرضٍ رأت فيها من عليّ ثَالِثَةُ الأثَافِي تتموضع تحتها.
الجراد الماكث
في نائبةٍ قبل قرنٍ طواه الزّمن سبق الجراد القحط ومات مئة وخمسون ألفاً بمؤازرةٍ من جَشعِ التجّار، ودار الزّمان مئة عامٍ ونيِّف وعاد الزائر الممقوت ليجد جراداً ماكثاً التهم الأخضر واليابس فرحل مستهزئاً مسْتَسْخِراً..