و نحن في طريقِنا إلى الإنهيار المَحتوم، نتطلّع لمنقذٍ ذي رجَاحةِ عقلٍ ووطنيّة، فلا نرى سوى المأزومين الذين يتكئون على ما تبقّى من مقدّرات الصّمود..
ونحن في طريقنا إلى الجوع، نرى جياعاً للسلطة يخاطرون بأملِنا الباقي..!!
أيُّ سبرٍ ابتليت به يا وطني..؟! ما الذي اعتراك وانتابك وحاز في طالِعِكَ وأدرَكَكَ..؟!
حتى انهدمتَ، انخفضتَ، انهدَّيتَ، تردَّيتَ، تضعضعتَ، تقوَّضتَ، تهوَّرتَ، عجِزتَ، خرِبتَ، خُرتَ، عُدِمتِ، هويتَ و سقطتَ..
و أيُّ حافزٍ بعد، قد يجعلنا ننهض من مضامين الفساد، ذلك المثوى النتن، الأَسِن، المتَعَفّن، الزَنِخ.. لننفضَ القَتَام عن مُجرّد أمنِياتٍ تخشَى إدرَاك مُستوى الطُّموح..!!
نَعيشُ آونةٍ بائسةٍ، ما عادت فيها الأيام تعجُّ بالحياة، ولا الحياة نفسها تنضَحُ بغير أنفاسٍ مهولةٍ..!! صِرنا ننتظر مآل المصائر.. و وَابل النَّوائب يُودِق عَلينا، حيفٌ نيِّفٌ من غوائل العصر. ساسةٌ يعشَقون اللَّعب بنار المذهبيّة والطائفيّة، المطمورة تحت رماد ذكريات رعيلٍ محترقِ اللّب على سنين العمر التي انتزعتها الحرب العقيمة، حربٌ لم تستطع تحرير وطنٍ من مخالب الطُّغاة والمتحاصصين التجّار، بل زادَتهم مقدرة.
دولةٌ ليس فيها صنديداً واحداً يحكم بالعدل ليدفع عنا البلاء..؟!
دولةُ التفاهَة هنا لا الفشل، فالفشل إنما يحمل معنى الإخْفَاق
والإِنْهزام وربما الخيبة التي قد يستتبعها نجاح..!
أمّا التفاهة فإنها خبيثةٌ، حقيرةٌ، خسيسةٌ، وغدةٌ، دنيئةٌ، رديئةٌ، سافلةٌ، لا يستحق من يُنعَت بها الذِّكر، ولا يُؤبَه له أو بِه، لأنَّه أحمقٌ جَهولٌ سَخيف..
أهي الأفكار ما تصنع الظروف أم الظروف التي تصنع الأفكار..؟!
إشكاليّتا “هيغل” و ” ماركس” .. اللتان أرستا الفكر السياسي وصنعتا تاريخ الشعوب الحديث بقطبيه الليبرالي والإشتراكي، لم تفلحا في استخلاص نموذج للشعوب المنقسمة على ذاتها، التي تصبو بيقظتها للوحدة الكاذبة ونرنو بأحلامها للإِنْشِطَار والإِنْشِقاق والتَجْزِئَة..
وها نحن قد أمسينا في ضياعٍ مُريب، وخوف المغبّة والمُنتهی.. نعيش في هذا الكيانُ لنأكل ونشرب ونشیخ ..
إنَّها ثقافة الهلع، والجزع من غدٍ قاتم الرؤى ، لا موعد قريب
فيه مع شروق الحق الذي توخَّينَاه ..
أصبحنا نَخشى المذلَّة لا الموت، فقط نهاب مرامَ النَّفس. کشقائق النعمان في هذا الشرق المنتهك، ننبت من جراح ونعود لنطمر إلى حين مفصليّ.. و بين الفَينة والأخرى ، يُنبئنا القَدر بأن رأيه لا يُشبه أحلامنا.
فيا أيها الذين تمارسون شتى أنواع التجارة لا السياسة، التي تسوس بين الناس وتعدل.
تجارتكم سُنَّت بالدّم مرابحتها.
يا من تزاوِلون الطائفيّة ولا تؤدُّون فرائضَ الدِّين، تمتهنون الخداع، تُمرِّرون الدَسِائسَ، تَحِيكون المَكائد، تَعقِدون المُؤَامَرَات وتُسقِطون المبادرات دون أن تقرحوا..
أفقروا ما شئتم من شعبكم،
ماطلوا قدر أناتكم،
تهرَّبوا أنَّى استفحلَ جبروتكم،
إبتلِعوا ملء ما تسع بطونكم..
إنَّما، أتركوا لنا بعضاً من ترابِ الوطن، لنزرع فيه حفنةَ أملٍ علّنا نحصدُ مَوطِئاً جديداً.

نص المقالة الأصلية