لبنان اليوم بأزمة حُكم وصيغة، في مرحلة ضياع كبرى أفضت لتكشّف عجز الجمهوريّة عن إنتاج مؤسساتها الدستوريّة، وعجز المؤسسات السائدة عن لعب دورها المجترح دستوريّا في ظل الإنقسام وتأويل النصّ ومشكلة التعدديّة، ومركزيّة القرار اللامتخصِّص، أضف أن القرار الخارجي اليوم غافل بانتظار تسويات كبرى تعيد رسم العلاقات الدوليّة ما يعني أننا لم نخرج للحين من بروتوكول المتصرّفية، متصرفية لبنان الكبير ربما تختلف لناحية الدول الراعية والوصيّة حتى حدوث تجاذبات كبرى وأطماع في هذا البلد لامتصال مقوّماته وامتصاص ثرواته النفطيّة وحتى قطاعه المصرفي قد تم هدمه وإفقاده عنصري المناعة والثقة ليصبح متاحاً لسطوة الخارج المتلهف للإستثمار في وطن الإستهلاك والريع..
نحن لم نستفد للحين من تقاطع المصالح الكبرى، ولم ندرك خطورة الإنهيار الداخلي وأتونه المهلك، وأفضل ما يقال فينا أنه: تَكَاثرَتِ الظِّبَاءُ على خِرَاشٍ.. فما يدري خِراشٌ ما يصيدُ
أمَّا قصّة المثل؛ قيل أنَّ رجلاً اسمه ” خِراش” خرج يوماً ليصيد الظِّباء (الغزلان) ، فلم يظفر منها بشيء , فلما طال عليه ذلك، واشتدت وطأة الحرّ غلبه النعاس ، فنام ولم يستيقظ إلا على صوت قطيعٍ من الظباء يدور حوله فقام فزعاً ، ونثر كنانته، فأخرج منها سهماً نافذاً , لكنه كلّما صوّب في ناحيةٍ ظهر له ظبيٌ أسمن من أخيه،فانصرف إلى غيره وهكذا حتى فرّت الظباء جميعها . وعاد بلا صيد ذلك اليوم .
فأنشأ يقول :
تَكاثَرَتْ الظِباءُ على خراشٍ.. فَما يَدري خَراشُ ما يَصيدُ
أي تعددت وتجمعت الخيارات المتشابهة على الشخص دون أية استفادة منها.
وها حالُهم (أهل السلطة) في كلِّ حالِ..