حينما تنهار الدول يتشبث ساستها ببعض المكاسب التي عملواعلى جمعها فترات حكمهم فيمعنوا في إضعاف مواطنيها وشلِّ قدراتهم إطالةً في أمد سلطتهم في انتظار متغيِّر ما قد يعيد تثبيتها
وإن كانت الزلازل ظواهر طبيعية تتأتى من مركز يسمّى «البؤر» يرشح ارتدادات وأمواجاً زلزالية.. وفي الصورة الكليّة ينشأ الزلزال كنتيجة لأنشطة وانزلاقات في طبقات الأرض
هكذا المجتمعات البشريّة التي تؤسس لكيانات ذات اختصاصات سيادية تمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة، قد تتعرَّض بدورها للهزَّات حينما تفشل في ممارسة السّيادة كصاحبة القوة العليا غير المقيدة في المجتمع، وتعجز عن إظهار الطابع العام لمؤسساتها عبر صياغة القرارات العامة وتنفيذها كتعبير عن الشرعية الملزمة للمواطنين بما يحدّ من أدوات هيمنتها لضمان الالتزام بقوانينها،فتضعف باحتكار وسائل «العنف الشرعي» في المجتمع.. فيصبح سقوطها وشيكاً
أن تمارس السّلطة شيء محتمل، أما أن تصنع السياسة وتحكُم فهذا يتطلب منك أن تيقن أين يترعرع الشيطان داخل شعبك المشرذم، كي لا توقعك في الهلاك حبائلُه..وأن تعي كيفيّة السيطرة على البؤر بكافّة أنواعها من أمنيّة واحتكاريّة وخارجة عن الشرعيّة تلك البؤر التي تنضح تموّجات و إرتدادات قد تقضي على كامل مظاهر الدّولة ومؤسساتها في لحظة ضعفه
لعلّ نظامنا اللبناني المنقضي بكامل مؤسساته السياسيَّة والدستوريّة، ومرافقه العامة العاجزة حتى عن صياغة وفرض أي قرار إداري، ناهيكم عن تخبط السلطة القضائية وانقسامها وهي السلطة الضامنة للملك والحقوق، يظهر أننا بانتظار زلزلة مدويَّة تعلن انهيار هذا الكيان برمَّته
أحياناً يميل خيالنا العلمي النظيف إلى اعتبار الإنهيار أجرأ الحلول كونه يتوافق أولاً مع النهاية المرعبة التي توقف مسار الرعب بلا نهاية. وكونها تتوافق كذلك مع حكمة إلهية في حريق صادوم وعاموراء بعد أن عمَّ الفساد المدينة.. نوح أعاد بسفينته المشكلة من أزواج الأنواع على الأرض، فأعاد تأسيس تاريخٍ جديد للبشر.. فلما لا..؟ هبة الله هي الحياة وعلينا أن نستحقها