بَرَصُ القَرنِ الواحِد والعِشرين ـ بقلم المحامي زياد فرام

نَحنُ بُرصٌ و دنفنا خطيرٌ.. لا يُبعد فقط المُعتَلّ عن الجماعة بداعي عدوى، بل يطرده خارج الحياة ربّما، لأنَّه صَارَ نجِساً بنظرِ الشَّريعة..بتخلَّفه، بفَقرِه، بانتمائِه أو بأفكارِه..
شريعةُ البَشَرِ التي ما صَنَعَت غير الخطيئة وهي لا تقلّ عنه شراً..

نَحنُ بُرصٌ دون أجراسٍ برقابِنا، بل بأيدينا..

بُرصٌ بهواتِفَ مَحمُولَةٍ، نَنقُلُ عَدوانا برسائِلَ، ونَمِيمَتنا بوسائِل أشدُّ ألماً من نَظرةِ مُجتمعِ ذلكَ الزَّمنِ للأبرص المَنفي في البَرَارِي، فبَراري عصرنا أوحَشُ من تلك الغابرة، وأظلَمُ من ذاك الحِين..

بُرصٌ، وليسَ لدينا الرَّغبة في التغيير، ولا الإعتراف بضُعفِنا ولا بتقبُّلِ مشيئة الله وانتظارِ تَدبيره وخطَّتِه الخلاصِيَّة.

بَرَصُنا شوَّه نفسنا، فصِرنا متزلِّفين بعيدين عن تدبير الله ومشيئتِه وخلاصِه، نَرفُضُ الدَّعوةَ للتغييرِ والاهتداء والسَّيرِ بحياةٍ جديدةٍ مع الله.

بُرصٌ، ونظُنُّ أننا في منفى عن رَحمةِ الله، ولا نيقنَنَّ أنَّ في البَريَّةِ جاعَ الشَّعبُ فأعطَاه الله مأكلاً، وعطش الشعب فأسقَاه الله المَاء العَذب من جَوفِ الصَّخر.

بُرصٌ، لأنَّنا نُمارسُ قَسوَة الجماعة، نُهَمِّش نَعزل نَصِمُ نُحَاكِم ونُقصي لنزيد آلامَ البشَريَّة بَدلَ تضميدها..

بُرصٌ، وقَد خُدِّرَت ضَمائرنا وصارت قضيّتنا المحقّة حفنة من اليُسر، نجتسّ وَفرَتها من تحت وسائدنا، لنغفو مطمئني البال..

كانَ مَنبوذُ الكِتابِ، يَملُكُ رجاءً، وصرخةَ إيمانٍ صدَح بها جهاراً: “يا رب، إن شئتَ فأنتَ قادرٌ أن تُطَهِّرني”..فأبرأته.

أمَّا نَحن، فضُعفاءَ جُبناءَ مُعتلِّين أسقاماً، لأنَّنا نَسينا قوَّة الله وتجاهلنا خلاصه.. فاستحقَّينا برَصنَا الجَدِيد.

فمَا أحوَجَنا لقولِ داود: “إغسلنا كثيراً من إثمِنَا، و من الخطيئةِ طهِّرنَا..