القَانُونُ لَيْسَ مُجَرَّدَ بِنْيَةٍ عَرُوضِيَّةٍ تُسَطَّرُ فِي دَفَاتِرِ التَّشْرِيعِ، وَلَا هُوَ أَدَاةٌ تُسَيَّرُ بِهَا شُؤُونُ السُّلْطَة..
هُوَ صَوْتُ العَقْلِ المُتَجَرِّد مِنْ صَخَبِ الغَرَائِزِ.. إنَّه تِلكَ المِرسَاةُ الخَفِيَّة الَّتي تَنتَشِلُ الإِنْسَانَ مِنْ هَاوِيَةِ الفَوْضَى لِيُقِيمَهُ عَلَى صَخْرَةِ النِّظَامِ فيَحْمِيهِ مِنْ نَفْسِهِ قَبلَ الغَيْر..
مُنْذُ اللَّحْظَة الَّتِي أدرَكَ فِيهَا الإِنْسَان أنَّهُ يُوَاجِه الظُّلْمَ وَالفَوْضَى، اسْتَوْلَدَ مِنْ خَوْفِهِ فِكْرَةَ القَانُونِ، فَصَارَ بِذَلِكَ كَائِنًا يُفَكِّرُ كَيْفَ يَعِيشُ..
فِي عِلْمِ النَّفْسِ، القَانُونُ لَيْسَ مُجَرَّدَ رَادِعٍ، بَلْ مُصْلِح، يُرَوِّضُ دَوَاخِلَنَا عَلَى احْتِرَامِ الآخَرِ وكَبْحِ الغَرَائِزِ..
وَفِي الاقْتِصَادِ، لَا قِيمَةَ لِمَالٍ لَا يَحْمِيهِ العَدْلُ، وَلَا لِصَفْقَةٍ لَا تَحْفَظُهَا الثِّقَةُ..
أَمَّا فِي الِاجْتِمَاعِ، فَالْقَانُونُ كالحِبْر الَّذِي تَرْسُمُ بِهِ الإِنْسَانِيَّةُ شَكْلَهَا عَلَى صَفَحَاتِ الزَّمَنِ.. إنَّه الصَّك الذي يُعْلِنُ بمُوجَبِه المُجْتَمَع بُلُوغَهُ الرُّشْدَ..
نَعَم.. إنَّ القَانُون هو عِلْمُ المَنْطِقِ الإِنْسَانِيِّ تِلكَ الفَلْسَفَة الحَيَّة التي نَبْلُغُ بِهِا إِنْسَانِيَّتَنَا كُلَّمَا اعْتَلَيْنَا سُلَّمَ الحَضَارَةِ.. فَإِن غَابَ، غَابَتْ مَعَهُ المَرْجِعِيَّة، وَإِنْ طُبِّق.. استحَضَرَ مَعَهُ وَجْهُ الإِنْسَانِ الحَقِّ، الحُرِّ، الوَاعِي، الصَّانِعِ لِمَصِيرِهِ، وَالرَّاعِي لِمَصِيرِ الآخَرِينَ.
ـ[المحامي #زياد_فرام]

