هل يعتبر قرار وزير الصحة قراراً سيادياً !؟
المنتدى القانوني اللبناني 
بقلم المحامي الاستاذ زياد فرام

القرارات السياديّة هي تلك القرارات التي تمس مصالح الدولة السياديّة، ربما من الناحية الاقتصادية أو المستهدفة الأمن القومي، كقرارات الحرب وتحديد الأسعار..

مبدئياً يمكن لفهم مدار بحث القرارات السيادية القول بأن هذه الفئة من القرارات هي الغير إدارية، أي أنَّ القرارات السيادية هي قرارات تخرج عن إطار الطعن أمام القضاء بصفة قطعية وهي ذات حصانة شاملة بموجب النصوص الدستوريّة والقانونية واجتهاد القضاء الإداري.. إذ أنها متعلقة بعمل من أعمال السيادة لا الإدارة أو تنظيم مرافق الدولة..

فالقرارات التي تتخذها الإدارة بمناسبة ممارسة نشاطها الحكومي والتي تهدف بسببها لإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إلغائه، أو التي تطال المصلحة العامة، تسييراً لأعمالها، تكون قرارات إدارية عادية قد تستهدف الإلغاء والإبطال والتعويض عن طريق المحاكم الإدارية المختصة.

أما القرارات السيادية – فإنها قرارات تختلف بطبيعتها وأهدافها وطرق إصدارها عن القرارات الإدارية، فالقرارات السيادية أو قرارات أعمال السيادة تتخذها الحكومة بصفتها سلطة حكم، وليس باعتبارها سلطة إدارية.. حيث تستهدف السلطة العليا للدولة.
من هنا إنَّ القرارات التي تتعلق بالصحة العامة تكون محصَّنة بالسياديّة، كالقرارات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا فهي من قرارات أعمال السيادة كونها تبتغي الحفاظ على الصحة العامة للمواطنين لدرء انتشار الوباء..

ولكن هل يعتبر قرار وزير الصحة بتحويل جزء من اللقاحات نحو تلقيح عدد من النواب دون الإلتزام بتراتبية المنصة قراراً سيادياً، على ما وصفه معاليه إثر إفتضاح الأمر ..؟!

إنَّ أعمال السيادة تعتبر سلاحاً في يد الحكومة وقد يهدد حقوق الأفراد و حرياتهم إن صح التعبير، و لا يجد هولاء وسيلة للدفاع يردّون بها هذا الجور، لأن القضاء ممنوع من التعرض لمناقشة هذه الأعمال الموصوفة بالسيادية.

إلا أنَّ القرارات السياديّة يجب أن تكون مطابقة لأحكام الدستور والقوانين النافذة، ولابد أن تصدر عن الجهات المختصة بها فكما أنَّ قرار إعلان الحرب السيادي له أصوله ودونها يعتبر قراراً لاغياً، كذلك فالإجراءات المتخذة لمواجهة وباء كورونا التي صكت بقوانين وقرارات نجمت عنها الخطة الوطنیة للقاح الكوفید 19، خرجت عن صلاحية الوزير بعد أن قامت وزارة الصحة العامة اللبنانية بتشكیل لجنة وطنیة لأدارة ملف لقاح الكوفید بدایة تشرین الأول 2020 وذلك لوضع آلیة لتسجیل و استلام و توزیع و إدارة عملیة التلقیح كما و رصد الآثار الجانبیة والتأثیرات غیر المرغوبة و مراقبة سلسلة التبرید و كل ما یتعلق بالحفاظ على جودة لقاح الكوفید 19 لضمان وصوله الى الفئات المستھدفة.
حيث وضعت اللجنة جدولاً للفئات المستفيدة من التطعيم وفق أولويات عمليّة مشترطة في الصفحة 24 من الخطة التسجيل المسبق عبر المنصة كشرط إلزامي للحصول على اللقاح..

واستناداً إلى ما تقدم فإن قرار معالي وزير الصحة العامة لا يمكن وصفه بالقرار السيادي ذلك انه خالف الخطة الوطنيّة التي وضعتها وزارته و يكون قد انتهك مبدأ المساواة بين المواطنين أمام المرفق الصحي..