نحن نعيش في بلدِ العُميان..
و هذا العمى، لا يدعنا نؤمن بالتجديد.
فبلد العميان، هو المنغلق على ما لديه من أفكارٍ ومناهج،
الرَّافضُ لكلّ فكرةٍ لم يألفها ولم يعرفها.
هو ذاك المجتمع المتعصّب للفكر التقليدي البدائي، مبغِضُ التحديث والإستقلالية والسياديّة.. يظنُّ أنَّ وضع رقعة جديدة في ثوبٍ بالٍ يكسبه قيمة نوعيّة..
صحيحٌ أنَّ الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد حرّ يعتمد على المبادرة الفرديّة والملكيّة الخاصّة بما جاء في الفقرة “و” من مقدمّة الدّستور الذي يؤكّد الانفتاح على العالم الخارجيّ مع تحرّك مناسب للرّساميل والعَمالة..
إلا أنَّ ما دمّر هذا الإقتصاد وصول المبادرة الفرديّة لمرحلة الإيعاز الموجّه بسياسات إحتكاريّة في ظل تكريس أحكام القوي.. فالمُبصر المتبصّر فُقِئت عيناه ليتلمّس يوماً بيومٍ أحوال السّوق وأخبار ما يبثّه محتكروا الثروات..
لقد جُعِلَ تاريخنا الإقتصادي قائماً على الذّعر في فترات الإنكماش، حيث لا سبيل لفهمه إلا في ضوء مظاهر تاريخيّة مختلفة كالتي مرّ بها البلد ..
وإذا أردنا التعرّف كيف صارت بعض الدّول غنيّة، يجب علينا تحديد متى صارت كذلك..
أزمات تلوَ الأزمات، ونحن نؤثر الترقيع.. ونتعمّد الرَتْق والرَفْو غير أننا لم نقدِّم غير مزيد من الإِتْلاف والإِفْساد والتَمْزِيق والخَرْق.
فالعمى ألا نؤمن بالتجديد.
العمى ألا نغيُّر ما زرعه في عقلنا الباطن من يخيفوننا من غدنا دون أن نعي أسباب ذلك.
العمى أن نعيش الحاضر بفكر الأمس.
العمى أن نعالج كل مآسينا ومآسي بلدنا بنفس الأسلوب العقيم الذي استخدمناه من قبل.
فالعيش بالحدّ الأدنى من متطلّبات الحياة ما هو إلا فَخّ للفقر..لذلك.. نحن لن نتجاوز خط الهوان، خطّ استجداء العيش واستعطاف الدَّعم..
وما افتقارُ بلدٍ، إلا وجُعِلَ أعمىً كسيحاً رازحاً مرتهناً.. بثيابٍ رثّة..
تصبحون ..